الأحد، 24 يناير 2021

ثنية لفت ( عقبة السكر ) وصناعة السياحة في محافظة خليص


 



ثنية لفت : وتسمى أيضاً بعقبة السويق ، أو عقبة السكر ثنية تقع على حرة  تفصل بين خليص و قديد من أشد العقبات على طريق الحجالنبوي ، وذلك ؛ بسبب حجارة الحرة السوداء والرمال المتراكمة عليها ، وسميت بعقبة السويق وعقبة السكر لأن ؛الحجاج كانوا يُسقون فيهاالسويق والسكر المذاب.

سلك هذه الثنية   -على مر التاريخ الأنبياء والرسل ، وسلكها الرسول -صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، كما عبرتها قوافل الحجيجمن الشام ومصر والرحالة من مختلف أقطار العالم الإسلامي، وعلى ظهر هذه العقبة موضع مصلى قيل أنه مصلى للرسول -صلى الله عليهوسلموكان طريق هذه العقبة  منقّى من حجارة الحرة ومبني بجدران على جانبه لمنع دخول الرمال وحمايته منها،  ولا تزال آثار هذا الطريقوالمسجد  باقية حتى هذه اللحظة .

للأسف آثار هذه الجدران والطريق والمسجد على هذه العقبة تكاد تراكم الرمال المتحركة تخفيه وتبتلعه ، ويختفي هذا الأثر الإسلامي العريقمع مرور الوقت اذا لم تمتد يد العناية والأهتمام به، وقد زرت هذه العقبة أكثر من مرة ؟ ونلاحظ في كل مرة اختفاء جزء من طريق وآثار هذهالعقبة تحت الكثبان الرملية .

 أسأل ويتسأل غيري الكثير  لماذا يعاني هذا الأرث التاريخي كل هذا الأهمال ، حيث لا طريق ممهد له ، ولا تصل له  إلا سيارات الدفعالرباعي وبصعوبة بالغة عبر الكثبان الرملية ، والعقوم الترابية التي أقامها البعض وربما يأتي  يوما ما  وتغلق هذه العقوم العشوائية هذاالطريق أيضاً ، فتختفي أثار هذه العقبة بين جور الطبيعة وعبث وأهمال الأنسان ، وعلى الرغم أن أقرب طريق معبد له لا يبعد سوى ٢ كيلو ! علاوة على أن لا لوحات أرشادية أو إعلامية تشير أو تذكر هذه الثنية أو غيرها من المواقع والمعالم السياحية الكثيرة ذات العمق الحضاريالمتنوع  في محافظة خليص .

إلا يعد هذا الأثر معلمًا أثرياً يجب الاهتمام به من قبل المسؤولين في البلدية والسياحة  في محافظة خليص ومنطقة مكة المكرمة!!

وأنا في حديثي هذا أوكد على  ما أكدت علية  رؤية المملكة 2030  في العمل على إحياء مواقع التراث الوطني والعربي والإسلامي والقديموتسجيلها ضمن قائمة التراث العالمي، وتمكين الجميع من الوصول إليها بوصفها شاهداً حياً على إرثنا العريق وعلى الدور الفاعل، والموقعالبارز على خريطة الحضارة الإنسانية!!

وفي ضوء ذلك  فقد رأيت وشاهدت في بعض  مدن وطني المملكة العربية السعودية أثناء جولاتي السياحية ، الاهتمام الكبير في هذا المجالبما يوافق هذه الرؤية المباركة ، ورأينا ترميم بعض المواقع الأثرية وزيادة الاهتمام بها وإعادة تأهليها لإستقبال الزوار وصناعاتها سياحيًا ،وتسليط الأضواء الإعلامية عليها  ، والتسويق لها، وأبراز التاريخ الثقافي والمادي لسكان هذه المدن ، وخير مثال على ذلك إعادة إحياء بعضالمواقع والحصون والأثار التاريخية في عسفان ، بجهود ذاتية من قبل بلدية عسفان والجهات الحكومية وتكاتف المهتمين بالسياحة والأثار فيعسفان للأبراز أرثها الثقافي والمادي والأحتفاء به  !!

وهنا لا بد أن أشير وأثني على جهود اللجنة الثقافية برئاسة الاستاذ عبدالرحيم الصبحي  بمحافظة خليص  عندما أقامت قبل سنتين لقاءعن تاريخ وحضارة خليص استقطبت فيه عدد من الباحثين والأعلاميين والمهتمين بالآثار والسياحة ، ألقت فيه الضوء على إبراز  المعالمالسياحية والمواقع الأثرية  في محافظة خليص ورصدت وسجلت عدد من التوصيات والنقاط لرفعها لجهات الإختصاص لحماية هذه الاثاروتفعيل دورها في عملية التنشيط وصناعة السياحة في محافظة خليص ، لكن لا أدري ما آلت إلية تلك التوصيات والمقترحات ؟كما أننا لمنرى لها أثر على أرض الواقع السياحي في المحافظة ، حيث يمر الزائر للمنطقة ولا يلفت انتباهه ما يشده  أو يرشده إلى تلك المناطق والمواقعالأثرية ذات العمق الحضاري والطبيعي .

إن محافظة خليص تقع على طريق حيوي يسلكه حجاج وزوار بيت الله الحرام ، وهو طريق مكة المكرمة والمدينة المنورة ، وبالإمكان استغلال  ميزة الموقع ، ومرور حجاج بيت الله الحرام ، وبما تمتلكة خليص من مواقع أثرية دينية وتاريخية وطبيعة متنوعة  بصناعة سياحة متميزة فيمحافظة  خليص وإعادتها لسابق عهدها  كمحطة استراحة سياحية وترفيهية  للحجاج في ظل هذه العناصر والدعم اللامحدود للقطاعالسياحي في ظل قيادة أميرنا المحبوب محمد بن سلمان ورؤيته العظيمة2030.


مهدي نفاع القرشي - باحث في التاريخ والآثار  -مرشد سياحي

مكة المكرمة - النوارية

١١ جماد الثانية ١٤٤٢