الخميس، 5 يوليو 2018

 الشيخ المؤرخ  والجغرافي عاتق بن غيث البلادي ، كنت ولازلت من أشد المعجبين بما أجدة في كتبه من غزير علم وعظيم فائدة ، فقد اطلعت على بعض كتبه  عندما كانت توفرها لنا (وزارة المعارف ) في مكتبات المدارس ، فقد كان كتابه معجم معالم الحجاز ، ومعجم قبائل الحجاز
  ، متوفر على رفوف مكتبة مدرسة ثانوية الكامل حينما كنت طالبا بها ، ولازلت أتذكر شعور السعادة الذي ينتابني عندما أستعيرها من  المكتبة وأجد بها  ذكر بعض المواضع أو القبائل  التي أعرفها أو لها تواجد في منطقتنا ،  وأطير بها فرحا إلى والدي وأقول له انظر هذا الكتاب قد ذكر قبيلتنا!وذكر هذه القبيلة !!وتلك القبيلة! وهذا الموضع وذالك الموضع  😀حتى أصبح  والدي رحمة الله بالرغم انه لا يقرأ ولا يكتب عندما يشاهدني وأنا اتصفح تلك الكتب يبادر بسؤالي عما فيها من أخبار القبائل  والمواقع وبحكم خبرته والدي رحمة الله بهذه المواضع والقبائل فكان كثير ما يتحفنا ببعض الأحاديث والتعليقات حولها ويصر رحمة الله أن أروي له من أوراق الحربي كما يقول !!
ومنذ تلك الفترة وبعد دخولنا الجامعة تطورت علاقتنا بكتب البلادي رحمة الله وأطلعت على المزيد من أنتاجه سواء الجغرافي أو الأدبي أما بالاستعارة من مكتبة الجامعه أو بالاقتناء 
وفي السنوات الاخيرة إزدادت علاقتنا بكتب الشيخ  البلادي رحمة الله وخصوصا ونحن طلاب في  الدراسات العليا ونتخصص في التاريخ الحديث لمنطقة الحجاز بصفه عامة ومنطقة الجموم بصفة خاصة ، حيث لا يمكن لطالب في وجهة نظري خلال  هذه المرحلة أن يستغني عن كتب ومؤلفات البلادي وخاصة اللتي تتعلق بالحجاز والمناطق مابين مكة المكرمة والمدينة المنورة سواء كتبة البلدانية أو كتب الانساب أو التراث الشعبي .

 وكان أكثر مايميز البلادي عن غيره في وجهة نظري أنه رجل نشأ وترعرع مابين بادية الحجاز وحاضرتها وعرف قبائلها  وتعايش مع بيئاتها وشهد بأم عينية مواقعها وجغرافيتها وعلم بطبيعة أهلها وعاداتهم وتقاليدهم وأعرافهم وأدبهم 
وقد منحته هذه الميزة في الرد على بعض معاصرية وتصحيح بعض ماذهبوا إلية كعبدالقدوس الانصاري وغيرة
علاوة عن صدق ووضوح منهجيته رحمة الله وتجرده من هوى النفس ولم يكن من الذين يتعصبون لبني قومة ، ( كما يفعل أغلب المؤرخين اليوم )فكان رحمة الله يروي الأخبار بكل تجرد ومصداقية ، ويقف  بنفسه على  الاماكن  ويتكبد عناء ومشاق السفر من أجل ذلك ويناقش ماكتبه من سبقوه حولها بكل صدق وشفافية .
ولا يخرج القارئ لكتب البلادي إلا بكثير من الفوائد سواء بتعليق أو استنباط أو بمعلومات يثري بها مادتة العلمية.

    أنني خلال هذه المراحل العمرية التي تطورت بها علاقتنا مع كتب البلادي تغيرت في كل مرحلة طبيعة فهمنا لخبراتنا المعرفية في كل مرة نعيد فيها قرأت كتب البلادي ((وهذه طبيعة البشر  )) وقد أزعم أنني خلقت مع البلادي قصة  عشق لما خط يداه في ثنايا هذه الكتب وخصوصا مايتعلق بالمواضيع والاماكن مابين شمال مكة المكرمة حتى وادي ستارة فهذه المنطقة نعرف أغلب جهاتها جيدا وتجولنا في معظم أوديتها وقراها .

ولذلك سوف أخصص صفحتي هنا ومتى مايسمح لنا وفتنا في  الحديث  عن هذا  الشيخ الجليل وسيرته ومؤلفاته وأذكر بعض الفوائد التي استخرجتها من كتبه رحمة الله ، وكذلك سوف أقوم بالتعليق وإيراد بعض الملاحظات على  ماذكره  حول بعض المواقع في كتابة معجم معالم الحجاز ومعجم معالم السيرة النبوية وغيرها من كتبه رحمة الله

رحم الله الشيخ البلادي وجزاه عنا وعن طلاب العلم خير الجزاء

كتبه / مهدي نفاع بن مسلم
مكة المكرمة

١ /٥ /١٤٣٨ه
((النقد بين الشخصنة والموضوعية ))

هناك فرق كبير بين النقد الهادف البَنّاء وبين ممارسة النقد الشخصي الذي يهدف الى التجريح والتقليل من شأن الآخرين ومن إنجازاتهم أو الدخول في النوايا والذمم وربما وصل الأمر إلى الظلم والإدعاء والإفتراء عليهم لتحقيق وأشباع رغبات شخصية رخيصة في نفس الناقد والذي دفعة  إفتقارة  الحجه والدليل والمنطق لممارسة تلك التصرفات وربما بدافع الحسد والغيرة  والتعالي على الأخرين.
وفي مجتمعنا اليوم أصبح هذا النوع من النقد ظاهرة مستشرية ولم يسلم منها حتى بعض المحسوبين على الأدب والثقافة والأكاديميين وخصوصا في مواقع التواصل الإجتماعي التي لم يحسن الكثير منهم أستخدامها ولا يملكون الفكر المتزن الذين يستطيعون من خلالة التعامل الأمثل مع ردود  الفعل والتعامل مع كافة الأطياف والمشارب الفكرية للمجتمع الذي يعيشون في وسطة في ظل هذه المساحة التقنية الحرة التي أتيحت للجميع 
 أن من أساسيات النقد البناء أن يكون  موجهة لموضوع المادة النقدية
 ولايتجاوزها للشخصية  سواء بشكل مباشر أو أستخدام إسقاطات لفضية  من قريب أو بعيد تخدش جمال عبارة الأسلوب النقدي والذي يقوم على المنهج العلمي ويستخدم أدواتة وقواعد العلم الذي تتناوله موضوع مادة النقد
ومن المستحسن أن تكون عبارات النقد الهادف تحمل الود والتقدير والأحترام  لمتبني الفكر أو الرأي المنقود حتى يستساغ ذلك النقد ويسهل على نفوس متلقية ويحقق الغرض المرجو من المادة النقدية
 
ونحن تعلمنا من خلال ديننا و وتربيتنا الإسلامية  ومنهج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن النصح يكون في السر وباللتي هي أحسن ومحاولة إيضاح الخطأ بحديث محبب للنفس للبشرية وبلسان رطب وقلب محب بعيد كل البعد عن التجريح والإساءة وخاصة عندما يتعلق النصح بالأمور الشخصية قال تعالى ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)
وروي أن رجل قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أمام الناس : ياأمير المؤمنين أنك أخطأت في كذا وكذا وأنصحك بكذا وكذا ، فقال رضي الله عنه(( اذا نصحتني فأنصحني بيني وبينك فأني لا أمن عليكم ولاعلى نفسي حين تنصحني علناً بين الناس ))
ويقول الأمام الشافعي :
تعمدني بنصحك في انفرادي
وجنبني النصيحة في الجماعه
فأن النصح بين الناس نوع
من التوبيخ لا أرضى استماعه
وان خالفتني وعصيت أمري
فلاتجزع إذا لم تعط طاعه

مهدي نفاع القرشي

الثلاثاء، 3 يوليو 2018

                       تسمية الأماكن الجغرافية عند العرب



لقد أرتبطت حياة العربي أرتباطاً وثيقاً ومباشراً مع البيئة المحيطة به وبكافة مكوناتها وأثر فيها وتأثرت به ، لذلك تجد أغلب المسميات عند البدوي تدور حول بيئته ، ونمط معيشته، وظروف حياته سواء كانت هذه الظروف   أجتماعية أو سياسية أو أقتصادية أو غيرها من الماديات المحسوسة التي يتعامل معها ويستخدمها وتؤثر على مسار حياته اليومية .
     لذلك عندما نستعرض كثير من أسماء الاماكن والمواقع الجغرافية نجد أن العربي يمنح هذ ه المواقع أسماء تصف مظهرها على سطح الأرض ويطلق عليها أسماء مأخوذه من بيئته تناسب شكلها وطبيعتها التضاريسية أو يقوم بربطها بحدث طبيعي أو تاريخي وقع فيها أو بالقرب منها ، وغالباً مانجد أن المسميات الجغرافية لها مدلولها الوصفي وترتبط أرتباطا وثيقاً بالمسمى والتدليل علية بالمعنى، لذلك نرى تكرار وتشابه كثير من المسميات الجغرافية عند العرب !
 وقديكون المسمى الجغرافي له أرتباط بالوضع التاريخي أو السياسي للقوم الذين نزلوا فية أو بجوارة
     ولاتقتصر نمط هذه التسميات على المجال الجغرافي فقط ،بل تتعداه إلى مسميات الأشخاص ، ومسميات النجوم فنجد أن العربي يطلق من الاسماء على النجوم مايناسب شكلها أو تكوينها من حياته الارضية ويجعلها حياة أخرى في فضاء السماء !، فنجد مثلا مسمى الدلو والعقرب والثور والميزان والسبع وغيرها.
     وقد تميز العربي بذكائه الفطري وقدرته الهائلة على التكيف مع مكونات وظروف بيئته المحلية والأندماج معها ،بل تجاوز ذلك ليعطي الأماكن والمواقع الجامدة من حوله تسميات تبث فيها الروح والحياة، حيث نجد كثير من أسماء المواقع لها علاقة بجسم وأعضاء الانسان أو الحيوان ، فيدخل الخيال ويصور المكان الجغرافي كأنه كائن حي يسقط عليه من الاسماء مايتوافق مع شكل عضو الانسان أو إمائته وحركته الجسدية فنجده يقول مثلا ؛ رأس الجبل أو ( قنته) أو كتف الجبل أو رقبة الجبل أو بطن الوادي أو مثناته ( المثناه) والمنحنى ( الحنو)وغيرها كثير من التشبيهات العضوية  أو الحركية أو حتى الحسية لجسم الكائن الحي.
   ومن التسميات الجغرافية التي تحاكي بعض أجزاء جسم الإنسان أو الحيوان مسمى الصدر ، وركبة ، والثديين ، والبطين ، والقرين( القرنين ) ، والكراع ، الضرس ، الخشم، الساق وغيرها من مثل هذه التسميات

    بل أن العرب لم يتوانواعن أقساط بعض المسميات الجريئة وتشبيه بعض الاماكن بالأعضاء التناسلية في جسم الانسان  فهناك بعض التلال والصخور  نحتت بفعل عوامل التعرية وأصبحت تشبه بعض  تلك الأعضاء وأطلقوا عليها ما يشابه ذلك في لهجتهم المحلية !!
   ومن هذه التلال والصخور  تللك الصخرتين التي توجد في منطقة الجبيهة ( أبو حليفا) ( في ديار قبيلة حرب )على الطريق مابين عسفان ومحافظة الكامل(( تبعد عن محافظة الكامل حوالي ٤٠ كلم)) ، وقداشتهرت وأصبحت من معالم الطريق والمنطقة وذلك بفضل مظهرها العجيب و التسمية والتشبية الجرئ الذي أكسبها شهرة وأنتشار عند أغلب سكان الحجاز!
     فقد سميت هاتين الصخرتين بسمى العضو الذكري للأنسان وأسندت في مسماها لقبيلتين هما قبيلة حرب وقبيلة سليم وفي أسناد أحدهما لقبيلة سليم مدلول تاريخي يؤكد أن ديار قبيلة  سليم كانت تمتد ديارهاالى هذة المنطقة قبل أن  تنزل بها قبائل حرب وكانت هذه التلال هي الحدود بين القبلتين !
   وقد دارت حول هذه التسمية  لهذه الصخورالعديد من المواقف المضحكة والمداعبات الشعرية بين شعراء قبيلتي سليم وحرب ومن هذه المداعبات ماحصل في محاورة شعرية بين الشاعرين حضاض المعبدي الحربي وعبدالله الذبيبة السلمي
حيث قال حضاض :
ياعبدالله دخيلك شيل ( حق سليم ) فالصالون

                        ودور له بنية من بنات ( القوم) مفتاقه

فجاء الرد من عبدالله الذبيبه:

أمانة عند أبوك وعند جدك وانته له المأمون 

                    وإذا قفلتوا البيبان يسبركم مع الطاقة